وحين يتردد هذا الشعار في اعتصامات طلاب الجامعات الأمريكية التي تدين حرب الإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة، أو حين ترفعه النائبة في الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب أو النائب في مجلس العموم البريطاني آندي مكدونالد، فإن مجموعات الضغط المناصرة للكيان المحتل تقيم الدنيا ولا تقعدها ضد العبارة، وتطالب بإنزال أشد العقوبات بمن يستخدمها.
فماذا في المقابل يكون الموقف من الشعار ذاته حرفياً، إذا استخدمه وزراء إسرائيليون متطرفون دينياً وقومياً، وساسة وقادة أحزاب عنصرية لا تخفى عقائدها الفاشية، أمثال وزير المالية بتسلئيل سموترتش أو وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أو الوزير من دون حقيبة جدعون ساعر أو عضو الكنيست أوهاد تال؟ هنا ينقلب مدلول الشعار من أكذوبة العداء للسامية إلى علانية العداء للفلسطينيين والمطالبة بطردهم من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بهدف استكمال “إسرائيل الكبرى” التي تمتد من ضفاف نهر الأردن إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
والأنكى من توظيف الشعار لخدمة أهداف استيطانية وعنصرية وفاشية، أن وزراء الكيان المحتل وساسته يرفعونه خلال مؤتمر في القدس المحتلة يجري تنظيمه مع هيئات أمريكية تدين بعقائد الصهيونية المسيحية ومؤسسة “إسرائيل 365” التي تتوجه على نحو محدد إلى تيارات الإنجيليين الأمريكيين. وهؤلاء لا يكتفون بالمساندة العلنية للاستيطان في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، بل ينشطون أيضاً في تنظيم حملات تبرع مالية لتشجيع بؤر الاستيطان.
في كلمته أمام هذا المؤتمر طالب سموترتش بالتخلي نهائياً عن ما يسمنونه بـ”حل الدولتين”، والعمل بدل ذلك على “إنشاء مدن ومستوطنات جديدة في عمق” الضفة الغربية، لاستيعاب “مئات الآلاف من المستوطنين الجدد”.
بن غفير صادق على تصريحات زميله في حكومة الاحتلال، معتبراً أن تشجيع تهجير و“هجرة السكان الفلسطينيين في المنطقة هو الحل الأفضل والأكثر أخلاقية للصراع”.
وانضم إليه ساعر فأكد أنه “لن يكون هناك أي بديل عن السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة على المنطقة الممتدة من البحر إلى نهر الأردن”.
واختتم تال جوقة التصريحات بالتشديد التالي: “يجب أن ندرك أنه لا يمكن أن تكون هناك سوى السيادة اليهودية بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط”.
وإذا لم يكن مفاجئاً أن تعبّر هذه المواقف عن انحدار سياسات الاحتلال نحو درك أكثر انحطاطاً في التفكير الصهيوني الفاشي المعاصر، فإنها من جانب آخر تضيف مثالاً جديداً ساطعاً على المناهج الفاضحة في الكيل بمكيالين، والتي تعتمدها بعض الديمقراطيات الغربية لجهة تأثيم الشعار ذاته تارة والتطبيل له تارة أخرى، تبعاً للجهة التي تستخدمه أو توظفه.
*القدس العربي
قناة العالم